×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الحوثيون ..إنعاش العنف الطائفي

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

المنبر اليمني/ خاص

 

تغذّت نفسية العنف المذهبي لدى الحوثية بالتعبئة الطائفية الاستثنائية داخل الحركة، والاحتقان النفسي تحت ضغط ازدواجية عقيدة المظلومية والأحقية الإلهية، وصارت لهم دورات تعبوية، وثقافة تاريخية مغلوطة تعمل على "إنعاش العنف" وإذكاء الصراعات والكراهية انطلاقًا من المساجد.

أيضاً: صناعة الوهم الغيبي بالاصطفاء الإلهي إلى قناعات مقبولة قطعاً، سواء الغيب التاريخي الماضي بقمع آل البيت ـ كما يزعمون ـ، وتجريف الآثار الداعمة لذلك بصناعة التضليل في ذهنية خالية قابلة للتدجين، أو الغيب المستقبلي للعقيدة الخمينية بأنهم النوع المختار من الله الباقي إلى يوم القيامة! لأن "ارتباط الذهنية التاريخية للنفسية الحوثية بمعارك وصدام دائم؛ شكَّل السمة الملازمة للذاكرة الحوثية.. وهو ما يفسر سر استماتة الجماعة في التمسك بالسلاح كخيار مصيري"([1]).

هذان المساران في التكوين النفسي للحوثية كفيل أن يلغم الجزيرة العربية بالأحقاد والثارات العمياء، والأفكار الليلية المظلمة التي جعلت من قصة كربلاء ناراً مؤججة من الأحقاد في كل بلد إسلامي.

خطباء من ظلام التاريخ:

غطى الحوثيون مساجد صنعاء بفلول من الشباب المدجج بالعقيدة التاريخية الحوثية المتشعبة من الفكر الإيراني، وثقافة الثورة الخمينية التي ضخت أساطير المظلومية لآل البيت، وأنهم أهل الاصطفاء والدين الحق. وأما المخالفون لهم فقد ارتدوا، وكفروا، ونافقوا.

ومن نفق التاريخ المعتم يأتي هؤلاء الخطباء ليصبوا في آذان الناس الزيف الممجوج كل جمعة، وليس ثمت عقيدة يتحدثون عنها في هذه الخطب إلا الثأر للزهراء، واستعادة الحق الإلهي بالولاية، وقتال المستكبرين، والانتقام من قتلة الحسين وزيد بن علي، وقمع الدولة الأموية الممتدة إلى اليوم، وتحرير القرآن من قبضة آل سعود، وإسقاط كتب الحديث التي يرونها مكذوبة على النبيr، والتربية الدينية على حب آل البيت الذين هم عتبة الجنة وشفعاؤها، وأعلام الدين ومناراته الذين لا يُهتدى إلا بهم.. وغيرها من المضامين التي تعاني من الاحتقان العدائي.

محنة الصرخة:

ترديد الصرخة بين الخطبتين، ونهاية الخطبة، وبعد الصلوات؛ صارت شعار الولاء للحوثية، والبراء من الكافرين ـ كما يزعمون ـ، وهو الشعار الذي خلق أزمة فكرية مع بعض عوام الزيدية الذين لا يستسيغون هذا الشعار؛ لأنه لم يكن من مذهب أسلافهم، حتى فرضه الحوثيون قسراً، ولم يجرؤ أحد على الاعتراض حتى لا يواجه بالعنف؛ لأنه الشعار العالمي الذي يمثل إيران وأذنابها أمام العالم ـ كما يزعمون ـ. ويستميت الجندي الحوثي في إعلانه والدفاع عنه.

تلغيم الخطب الجاهزة:

من فاتحة الخطبة إلى نهايتها يراها المستمعون توظيفاً مذهبياً طائفياً؛ فلا يوجد فيها ترضية على أي صحابي، ولا يرد لهم اسم، ولا حديث، ولا قول، ولا قصة.. وينسى المستمع أن هناك صحابة آخرين كانوا مع النبيr. فالمشاهد حول النبيr يغطيها آل البيت فقط. حتى أول من أسلم، والمهاجرون والأنصار ليس لهم أي ذكر يشيد بهم.

ويبدأ بعضهم نداء الفصل بين فقرات الخطبة بعبارة: "أيها المؤمن المجاهد" بحالة من التوتر والامتلاء بنشوة القداسة، ولم تخلُ الخطبة من ألقاب: المنافقين، وعملاء إسرائيل والأمريكان، والمرجفين، والمرتزقة، والطابور الخامس، والخونة، والناكثين، والبغاة، وأهل الكفر، والمخذلين..، وغيرها من المصطلحات التي تعدّ مقدمات لتنزيل أحكام العنف المذهبي عليهم.

بينما يصفون رموز الحركة الحوثية بألقاب القداسة والتزكية، مثل: المؤمنين، أولياء الله، والمجاهدين.. كعقيدة بخلوصهم للجنة، حسم نظرية "الحد الفاصل" بين الإيمان والكفر من خلالها. ويكررونها في محتوى الخطبة، ويباهون بالقيادة السياسية بألقاب العظمة، والأعلام المنتظرين للخلاص من الظلم المزعوم في نظرهم.

وفي كل خطبة تتعدد العناوين لكن يسيطر عليها منطق العنف والكراهية، وتوجيه الآيات بما يطلقون عليه التغذية الروحية نحو الجهاد والاستشهاد والتضحية والفداء في الجبهات، بروح الاستماتة. وبين يدي نماذج من تلك العبارات:

أشهر المقاطع تداولاً في خطبة مسجد المهدي بالتحرير، لخطيب حوثي يقول: "قالوا معاوية مؤمن، عمرو بن العاص مؤمن، أبو هريرة مؤمن... ويتابع حتى يقول: إن كان هؤلاء من دين محمد فإني أبرأ من هذا الدين" ـ حسب قوله ـ.

قد يستغرب القارئ هذا، لكن عندما يعلم أن الحوثية انتقت آيات الكفر والنفاق، والبراء من اليهود والنصارى، والقتال والجهاد.. لتهدد المجتمع المخالف لهم بسلطة القرآن، وفرضتها على أبناء الحركة ليحفظوها ويتقنوها؛ ولن يتقنوا غيرها لو راجعته بالقرآن، ويتلوها في كل الملتقيات، والكتابات، والخطب.. ليضفي على نفسه الثقافة القرآنية ـ كما يزعمون ـ، وهو ما تسمعه في خطاب عبد الملك الحوثي المتكرر، وكتابات قياداتهم، حتى في صفحات التواصل الاجتماعي.

ينبغي هنا أن نصوب النظر حول مواد الخطب الجاهزة التي تعدها لجنة حوثية وسمت بالثقافة، وتقوم وزارة الأوقاف بتمريرها على الخطباء، وهي تمثل العقل المذهبي الطائفي، ولا تعبر عن رأي آحاد الخطباء؛ وما زال وهي موزعة بتعميم رسمي فهي مقصودة، وكلها مضامين مذهبية يستهدفون بها التأثير على العامة في كل المجريات والأحداث.

ومن تلك المضامين:

في خطبة الحكمة والصمود: جاء فيها "أما ترك مواجهة العدوان، وترك قتاله، فهو الذل بعينه، والهوان برأسه، وهو السخط الإلهي، وتسليط الأعداء علينا، وسفك دمائنا، وتمكين داعش والقاعدة من رقابنا، وذبحنا وذبح أطفالنا، واغتصاب نسائنا، وانتهاك أعراضنا، وتدمير حاضرنا ومستقبل أجيالنا، فلا خيار لدينا إلا المواجهة والجهاد والتضحية".

  وفي خطبة الثقة بالله: ورد "أما حياة الذل والمهانة، وتحت حكم العملاء والمرتزقة والخونة، وتحت رحمة المحتلين والغزاة، فهي موت الإهانة، والعار في الحياة الدنيا قبل الآخرة".

وفي سياق التحريض والدفع للقتال تضمنت خطبة التضليل الإعلامي و"هذا العدو سيلحقك سواء صعدت في أعلى الجبل أم دخلت في شعب، أم هربت إلى قفرة، أم لجأت إلى مدينة... ولهذا لا بد من الاستعداد الروحي والعملي للمنازلة الفاصلة والنصر الحاسم".

كل هذا مقدمة من أجل الدعوة للالتحاق بالدورات التجنيدية، وقال بعد ذلك: "والآن مما يعدُّه المقاتلون لأعدائهم هو التدريب، التدريب على الاشتباك، التدريب على الهجوم، التدريب على الدفاع ... فعلينا أن نسارع إلى التسجيل حتى الذي منعه العذر من الانخراط في جبهات القتال في تلك اللحظة، عليه أن يتدرب".

هذه بعض النماذج الجاهزة التي نالها تهذيب، أما الخطب والمحاضرات والكلمات الارتجالية للأفراد ففيها من التطرف والحقد الطائفي ما لا يبشر بخير في مستقبل اليمن.  

لقد أصبح الناس يرون أن سمات الخطيب الحوثي خرجت عن حد الاعتدال في خصائص الخطيب والمثقف والواعظ؛ وانتحل ملامح العدوانية بعواطفه ومشاعره، ولا يتحكم بانفعالاته عندما يقرأ آيات الكفر والنفاق.. حتى يوجهها على أسماء بعض الشخصيات والقبائل اليمنية، والمذاهب السنية، وفرط الانتقام، ودعوة المصلين لتصفية المجتمع من كل مشكوك فيه، ويسبح في الوهم القيادي للمحيط الإقليمي، وينساب مع أغراض الحقد المكبوت داخله بالوعيد بالذبح والتنكيل والدخول إلى بيوت المنافقين... بحالة من الهيجان القلق. وهو الأمر الذي جعل المصلين يعزفون عن المساجد عندما وجدوا أنفسهم أمام خطباء يعانون من اختلال النظام القيمي المعتدل، وروح القدوة الأخلاقية، وفكر التوسط والتسامح.

 

([1]) حمير الحوري، الحوثيون قراءة في التكوين النفسي، خاص بالراصد، 21 أغسطس 2017م.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية