×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الحوثيون.. حرب على معالم اليمن وإرثها الحضاري

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

خاص

يزخر اليمن بمعالم وآثار تاريخية عريقة، حيث كان موطنًا لحضارات متعاقبة، ازدهرت فيها قبل 4 آلاف عام، ومن أشهرها "معين وحمير وحضرموت وقتبان وأوسان"، إلا أن تداعيات الحرب كارثية بالنسبة لإرث هذا البلد.

منذ 5 أعوام، لم يكن هدف الحوثيين حاضر اليمن فقط، بل لم تتوان الميليشيا الحوثية ولو للحظة في تدمير تاريخ هذا البلد وحضارته والعبث به.

فتح اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، في 21 أيلول/ سبتمبر، 2014، مرحلة جديدة لتدمير ونهب إرث اليمن التاريخي، وخاضوا حربًا ممنهجة أتت على معظم المباني والمعالم التاريخية، بدءًا من صنعاء ذاتها، وصولًا إلى مدينة عدن جنوبًا في 2015.

ففي صنعاء، قامت عناصر في الميليشيا الحوثية بنهب بعض مقتنيات المتحف الحربي الواقع في حيّ التحرير، قلب العاصمة، وعبثت بالصور التاريخية للرموز النضالية اليمنية، واستبدلتها بصور قادتها وشعارات الجماعة.

ومع وصول الحوثيين إلى مدينة عدن في 2015، تعرضت محتويات المتحف الوطني بحي كريتر -الذي يعود بناؤه إلى 1918م، وتحوّل إلى متحف في 1971م- للنهب، وهو متحف عريق يضم نحو خمسة آلاف قطعة أثرية تعود إلى مختلف مراحل التاريخ اليمني القديم والحديث والمعاصر.

كما أن عددًا من المدن والقلاع التاريخية -التي ارتبطت بحقب مختلفة- طالها دمار الحوثي، مثل: مدينة "براقش"، في محافظة الجوف شمالًا، وقلعة "القاهرة" و"المتحف الوطني" ومسجد ومدرسة الأشرفية، ويعود عهدها إلى الدولة الرسولية في محافظة تعز جنوبًا، إضافة إلى مدن أخرى، حوّلها الحوثيون إلى مواقع عسكرية ومخازن للسلاح.

يستند الحوثيون في حربهم على المعالم والمواقع التاريخية على إرث تاريخي، حيث يمثّلون امتدادًا لنظام الإمامة الذي كان لديه خصومة مع التاريخ اليمني.

وشنّت ميلشيا الحوثي حربًا مفتوحة على التراث اليمني، في محاولة لسلخ اليمني عن روابطه التاريخية والحضارية؛ حتى لا يعرف شيئًا عن حضارته القديمة تمكّنه من الاهتداء بها في حالة ضعفه، وتقصي عوامل ظروف تفوّقه.

لقد سارت الميليشيا الحوثية وفق استراتيجية إيرانية تكمن "في حراثة الأرض وزراعتها من جديد"، وبدا هذا الأمر واضحًا من خلال تفاصيل الحرب التي تخوضها ضد اليمن، وهويته، وقيمه الحضارية والتاريخية.  

والحرب على الهوية اليمنية مترسخة في قادة الميليشيا الحوثية؛ ولذا نجد أن مؤسس الميليشيا حسين بدرالدين الحوثي، الذي قتل في 2004، قد هاجم إرث اليمن وتاريخه، وسخر من الأعمدة الموجودة في مأرب، ورأى أن قيام اليمنيين بمحاولة قراءة تاريخ حضاراتهم القديمة إنما هو مزلق إلى إثبات أحقّية اليهود في ملك اليمن؛ باعتبار أن جزءًا من التبابعة الحميريين كانوا يعتنقون اليهودية؛ ولذلك كان التوجّه الحوثي نحو تدمير ونهب المعالم والمواقع والمدن الأثرية في البلاد مبنيًّا على فلسفة وعداء فكري متأصل فيهم. ويأتي هذا الربط من حسين الحوثي في إطار أساليب الخداع والتضليل التي ينتهجها الحوثيون للتغطية على حقيقة أفعالهم وعدائهم لليمن أرضًا وإنسانًا وتاريخًا وهوية.

وبما أن الموروث الثقافي والحضاري لأي شعب يمثّل قيمة حضارية تدفعه للاعتزاز به، والبحث عن مكامن ضعفه، والتنقيب عن عوامل قوّته وتفوقه، ليشقّ من جديد مرحلة أخرى، وهو ما لا تؤمن به الحوثية التي دمّرت حاضر اليمن، وعملت على قطع طرق العبور نحو المستقبل، عن طريق حربها المفتوحة والشاملة.

كما أن جهود الحوثيين المستمر في الحرب على إرث اليمن التاريخي، يشكل مسعىً خطيرًا لضرب الذات اليمنية، وتمسكها بذاكرتها التاريخية وموروثها الثقافي، وإسقاط الهوية الحضارية لعموم الشعب؛ فِدَاءً لهوية مذهبية وثنية عنصرية تؤصل حقّها في العرش.

فضلًا عن ذلك، مثّل البُعد التاريخي والحضاري لليمنيين قلقًا وصداعًا للميليشيا الحوثية؛ ولذا سارعت إلى استهداف ما يمكن أن يشكّل رافعًا للانتفاضة في وجه طغيانها واستبدادها الذي يجثم على صدر أبناء اليمن.

وتشير توجّهات ميليشيا الحوثي إزاء ذلك، إلى إرثها الاستبدادي والعنصري، فهي ترى التاريخ والآثار أحد أهم الأسباب لمقاومة الاستبداد والمذابح التي ترتكبها بحق اليمنيين.

إن المآثر التاريخية تشعر المجتمع بالتجذّر والعزة، وكون الحوثي جماعة استبدادية، فإن التاريخ والتراث المادي قد يكون أحد روافع المقاومة والمواجهة؛ لأنها تذكّر اليمنيين بتاريخ أجدادهم كشعب، وتبعث فيهم العزة والأنفة.

وتشير التقارير إلى ما قامت به ميليشيا الحوثي من عمليات نهب وتهريب طالت واحدة من أقدم نسخ القرآن الكريم، مكتوبة على جلد الغزال، كانت محفوظة في الجامع الكبير بصنعاء.

 ووجّهت أصابع الاتهام إلى قيادات حوثية، وأنها هي من باعت النسخة النادرة لرجل أعمال إيراني مقابل 3 ملايين دولار أميركي.

وفي مارس 2016، استقبل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في تل أبيب، 19 يهوديًا قدموا من اليمن، أحضروا معهم نسخة قديمة من التوراة، وهو ما أثار تساؤلات عدة تتعلق بدور الحوثيين في ذلك.

 وقال المتحدث باسم حكومة الاحتلال إن المجموعة التي قدمت من مدينة ريدة تضمّنت حاخام الجالية هناك الذي أحضر مخطوطة للتوراة يعتقد أن عمرها ما بين 500 و600 عام.

لم يكن للمجموعة اليهودية التي قدمت من منطقة ريدة التي تتبع محافظة عمران، شمال صنعاء، أن تقوم بتهريب هذه النسخة النادرة التي يعود تاريخها إلى خمسمائة سنة، لولا حصولها على تسهيل قادة ميليشيا الحوثي، والدخول بصفقة مع الصهاينة؛ لينكشف بذلك أمام الشعب زيف شعارهم المعادي لليهود، وأنهم يتاجرون بالشعارات، ويستخدمونها لخداع العوام والبسطاء.

الاستهداف الحوثي للتراث اليمني المادي واللامادي، بالنهب، والسرقة، والتهريب، والتدمير، عن طريق تجار الآثار والمخطوطات، وبواسطة تجار الحروب والميليشيا المسلحة، والباحثين عن الثروة والثراء السريع، تستدعي اصطفاف كل القوى في البلاد لإنهاء هذا المشروع الطائفي والتدميري، والحفاظ على المكتسبات الحضارية لليمن.  

إن تراث اليمنيين ليس ملكهم فحسب، بل هو ملك الإنسانية جمعا؛ ولذا فإن على المنظمات الدولية المعنية القيام بدورها وإيقاف عبث الحوثيين بما تبقى من الآثار والمتاحف، والعمل على استعادة ما هربته هذه الميليشيا.

لقد عمدت الإمامة في اليمن -التي يعدّ الحوثيون امتدادًا لها- إلى إلغاء الشخصية اليمنية بكل متعلقاتها الآثارية والتاريخية والمسندية، وكل ما يذكّر اليمنيين بأمجادهم وحضارتهم؛ بل وتتعامل مع التراث اليمني القديم المادي واللامادي وكأنه من ميراث الجاهلية الذي لا ينبغي الالتفات إليه، أو الاعتداد به. ويؤكد هذا أن قصر غمدان جرى هدمه على يد الهادي الرسِّي الذي قدم إلى اليمن 284 هجرية، وليس كما يُشاع في بعض الكتب أنه هُدم في عهد الخليفة عثمان بن عفان.

وعمدت الميليشيا الحوثية إلى تغيير أسماء المدارس وقاعات التدريس في الجامعات الحكومية والشوارع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، برموز طائفية ذات تاريخ دموي.

وأجبرت الميليشيا المدعومة من إيران مكاتب التربية والتعليم بصنعاء على تغيير أسماء عدد من المدارس، وعلى سبيل المثل لا الحصر، تم تغيير اسم مدرسة "خالد بن الوليد" بـ"الإمام الهادي"، ومدرسة "عمر المختار" بمدرسة "على بن الحسين"، ومدرسة "الفاروق" بمدرسة الإمام "زيد بن علي".   

ويواصل الحوثيون انتهاكاتهم بحق التاريخ النضالي للرموز اليمنية، من خلال هكذا توجّهات وتشويه، حيث جرى العبث بصور المناضلين الموجودة في المتاحف الوطنية اليمنية، إضافة إلى تغيير أسماء مدارس تحمل أسماءهم بأسماء قيادات حوثية، لم تتورّع يومًا عن قتل اليمنيين.

وهذه الحرب الشعواء التي يقودها أرباب هذا المشروع على رموز اليمن ومآثر اليمنيين، وعمرانهم، ومخطوطاتهم، تهدف إلى طمس وتشويه كثير من محطّات النضال الوطني.

ومؤخرًا، حوَّل الحوثيون العاصمة صنعاء إلى مقاطعة إيرانية، تعجّ بالشعارات الطائفية، وتجرفها المناسبات الخمينية، وتهشم صورتها، تلك الصور للقادة العسكريين الإيرانيين كـ"قاسم سليماني"، و"أبو مهدي المهندس"، بلوحات ضخمة في الشوارع الرئيسية في العاصمة المحتلة، في مشهد يستفز اليمنيين، ويجعلهم يدركون أبعاد المشروع الحوثي الذي يسعى إلى سلخهم عن محيطهم العربي.

يأتي ذلك في سياق الطمس والتشويه الدائم للهوية الحضارية لليمن ومكتسباته قديمًا وحديثًا.. ذلك أن الحوثي امتداد لتيار الإمامة؛ ولذا لا يشعر بالانتماء إلى هذه الأرض، بل يشعر بالحقد على كلِّ ما يربط اليمني بتاريخه. ولقد كان جزء كبير من نضال اليمنيين طيلة الألفية السابقة ضد هذا المشروع الإمامي العقيم، وبالتالي فهو لا يريد أن تبقى مسمّيات النضال ضده تملأ ساحات المدارس والشوارع، كي لا تذكّر الشعب بالرموز الوطنية التي قارعت هذا الكابوس.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية