×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الحرب وآثارها

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

ياسين التميمي

ماذا بقي من اليمن الجميل؟ سؤال يفرضه منطق الحرب التي  تحرق كل شيء، وتقتل دون تمييز في بلدنا الجميل والرائع والتاريخي الرابض في الزاوية  الجنوبية الغربية من جزيرة العرب ذات الأهمية الاستراتيجية.

في لحظة من عمى العقل والبصيرة، قادت مجموعة من المغامرين بلدًا بكامله إلى حرب، وفي يقينها أن لديها الأدوات  والقدرة على توظيف إمكانيات الدولة بما يكفي لتحقيق حسم سريع، يحرر هذه المجموعة المغامرة من الالتزامات التي فرضتها مرجعيات التسوية السياسية وعملية الانتقال الديمقراطي والرقابة المثابرة للمجتمع الدولي.

لم يتحقق ما خططت له هذه المجموعة، فقد دخلت الحرب بغرور كبير، لكن الحرب سرعان ما اتسعت دائرتها وازدادت تشعبًا وتعقيدًا ودخلت أطراف جديدة أشدّ نفوذًا وفتكًا وتأثيرًا.

لم يتعظ المغامرون، وقرروا أنَّ التمسُّك بالخيار العسكري، يمكن أن يخلط الأوراق ويختبر صبر القوى الإقليمية التي دفعت بكل إمكانياتها لدرء الخطر القادم من جهة اليمن.

تسير الحرب ببطء شديد، لكنها تحقق أهدافها، وتمضي الحرب عكس ما خطط له الانقلابيون تمامًا وتضييق الخناق على المتسببين في هذه الحرب، ومع ذلك  تحدث هذه الحرب في طريقها المزيد من الندوب في الجسد اليمني المثخن.

إن أسوأ ما ترسخه حرب كهذه  في الذاكرة هو الندوب التي يحدثها شريك الوطن حينما يفرغ كل أحقاده ويوظف كل إمكانياته دفعة واحدة لكسر الشريك الآخر حتى لو كان أعزلًا.
لم يكن اليمن يستحق أن يغرق في دائرة العنف المفرغة هذه، فلم يطلب أكثر من تغيير إيقاع حياته الذي بلغ حد التوقف والتبلد والانحطاط.

كان العالم قبل 2011 يتأهب لتشييع الدولة اليمنية، بعد فشلها الذريع على كل المستويات؛ لذا كان التغيير ضرورة، وكان يمكن أن يحصد نجاحًا مبهرًا بعد أن صفق العالم لتجربة التغيير التي تحولت إلى إرادة سياسية وطنية شاملة، لم تستثن أحدًا.

لكن للأسف سرعان ما تحولت اليمن إلى ساحة أخرى لتجريب المواجهة مع التغيير، واستحقاقاته ونتائجه ، فقط لأنه تأسس على إرادة شعبية تواقة للحرية.

لم يكن صالح في يوم من الأيام معنيًا بمصالح اليمن، على الرغم من أنه ملأ المشهد الإعلامي والسياسي بادعاءات الوطنية والولاء للنظام الجمهوري؛ لذا عض أصابع الندم لأنه خُدع بهزيمة القذافي.
فقد شاهد  بشار الأسد وهو يقتل شعبه دون تمييز، ويستخدم كلَّ ترسانته العسكرية من الكلاشينكوف إلى  الكيماوي ضد الشعب السوري الأعزل، فندم لأنه لم يختبر القوة التي لديه.

ونسي صالح أنه منح فرصة لم يحظ بها حاكم من قبله، لقد حظي بفرصة البقاء في منزله، حرًا كريمًا، والتمتع بما وضع عليه يده من مال الشعب اليمني ومقدراته، وبقيت له حرية ممارسة العمل السياسي والتأثير في الحياة السياسية لفترة غير محدودة من الزمن.

رسم صالح السيناريو الأكثر سوءًا لمصير حركة  التغيير السلمية في اليمن، لتصير إلى ما صارت إليه من فوضى وعنف وخراب.

واليوم يتعرض هو شخصيًا للسيناريو ذاته الذي رسمه لخصومه بغية الخلاص منهم؛ لأن الأداة التي استعان بها لتحقيق أهدافه، ها هي تهوي على رأسه لتسقطه في أسوأ مآل.

وبقي أن أجيب عن السؤال الذي وضعته في البداية، بشأن ما بقي من اليمن الجميل.

الحرب كلفتها عالية ونتائجها كارثية، ولأن الحرب التي تعيشها اليمن هي حرب أهلية حتى مع تدخل التحالف العربي من خارج الحدود، فإن تأثيراتها خطيرة للغاية على البنيان الوطني.

 فالأضرار المادية يمكن تعويضها، لكن الندوب النفسية، والانشقاقات الاجتماعية التي تغذت من عنف الحرب واستقطابها تحتاج إلى معجزة لكي تنجح الأجيال القادمة في ترميمها.

الحرب الأهلية ليست ملهمة للإبداع والابتكار، إنها دمار محض للبنيان المادي والنفسي، لذا ثمة خدوش كبيرة أصابت الملامح الجميلة لليمن، هذه الخدوش نراها في الآثار التي دمرت وفي المساجد والمدارس، والمستشفيات، وفي الطرق الحيوية، وفي الشخصية الحضارية لليمن.

 

ومع ذلك هذه الملامح يمكن أن تستعيد ألقها إذا اجترح اليمنيون معجزة حقيقية لتجاوز آثار الحرب  ودفن مسبباتها إلى الأبد.

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية