×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

صنعاء عاصمة منكوبة .. ترقب الخلاص من مليشيات الحوثي

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

بقلم/ أ.حمود هزاع- كاتب وصحفي يمني

 لم تعد صنعاء كما كانت قبل أن تجتاحها مليشيات الحوثي وتنفذ انقلابها على الشرعية في 21سبتمبر 2014 المشؤوم،  فكلّ شيء فيها بات مختلفاً تماماً بملامحه ومضمونه، فصنعاء التي تسللتُ إليها في الأيام الماضية لا تشبه صنعاء التي غادرتُها قبل 4 سنوات، بدت لي غريبة وشعرت بالغربة فيها وكأنني أخطأت الطريق وولجت إحدى المدن الإيرانية المهملة.

 ما أحدثته مليشيات الحوثي في مدينة سام «صنعاء» أولى الحواضر الإنسانية، وأقدم عواصم الجزيرة العربية من تدمير وتغيير وعبث يتجاوز حدود الانقلاب والاستيلاء على السلطة. لقد أحدث ذلك الاجتياح نكبات وكوارث لليمن كلها وصنعاء على وجه الخصوص.

تغيّر حال المدينة وأهلها، وبات معظمهم يعيشون في فقر وجوع ومرض وخوف ورعب، تحاصرهم عناصر مليشيا الانقلاب التي سيطرت على الدولة، وسلاحها، وبنوكها، ومؤسساتها، وسرقت أموالهم، وقطعت رواتبهم، وغيّبت عنهم الخدمات الأساسية؛ كالكهرباء والماء، وضاعفت أسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية، وفرضت عليهم الجبايات المالية بمسميات مختلفة، وجردتهم من كافة حقوقهم، وجرّمت حرية النقد والتعبير، وشرعت في تغيير هوية المدينة والمجتمع؛ فصادرت المدارس والمساجد والمنابر ووسائل الإعلام، وطوعتها لنشر فكر التشيٌّع العنصري الإرهابي، مكرسةً الهوية الإيرانية الفارسية في عاصمة العروبة صنعاء، مغيّرة كلّ شيء في هذه المدينة التي ضاقت بأهلها، ولم تعد تتسع لأحد عدا قيادات الحركة الحوثية الذين يعيشون ثراء فاحشاً وحياة مختلفة عن بقية اليمنيين، ثراء تحقق لهم حين نهبوا الدولة وإيراداتها إلى جيوبهم الخاصة، وفرضوا الجبايات على المواطنين، وتاجروا بالمشتقات النفطية وباعوها بأثمان باهضة عبر السوق السوداء التي يديرونها، أصبح ثراؤهم مهولاً بحجم المأساة التي يعيشها الشعب اليمني فـ 80% من اليمنيين لم يعد بمقدورهم الحصول على وجباتهم الأساسية كما تقول المنظمات الدولية.

القادم إلى صنعاء يشعر بالغربة منذ الوهلة الأولى حتى لو كان من أبنائها، ويلحظ مشاعر الاغتراب في ملامح ونظرات سكانها، وفي ظروفهم المعيشية البالغة الصعوبة، أما قادة المليشيات الحوثية الإيرانية؛ فهم غرباء على المدينة وأهلها أكثر من غيرهم، فهم لا يشعرون أنهم جزء من المجتمع، ولا يحملون أي مشاعر انتماء إلى الأرض «اليمن»، وإن ادّعوا غير ذلك، تتجلى غربتهم في فكرهم الدخيل، وسلوكياتهم وممارستهم التي تعكس حجم حقدهم ونقمتهم على اليمنيين؛ حيث ينعدم لديهم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع؛ وبالتالي لا يحرصون على حياة أفراده، ولا يخافون عليهم، يريدون لليمنيين أن يكونوا أتباعاً لهم، مسلوبي الإرادة، ضعيفي المعرفة؛ ليسهل استبعادهم من الدولة وكلّ عوامل القوة؛ حتى لا يتنافس الآخرون مع أبناء السلالة الهاشمية.

تغيير هوية المدينة وديمغرافيتها

تظهر العاصمة صنعاء، محتلة، وتشهد تجريفاً لهويتها، وتكريس الهوية الإيرانية فيها؛ يتجلى ذلك في مظهر المدينة، ولوحاتها، وشعاراتها، وصور رموزها، وفي ملابس حكامها، وعاداتهم، ومعتقداتهم، وشعائرهم الغريبة؛ لقد أصبحت مدينة مغلقة دينياً؛ خاصة في المناسبات الحوثية، حيث تكتسي شوارعها بالآلاف من اللافتات والشعارات قبيل المناسبات الدينية ذات البعد الطائفي.

لم تتوقف محاولات الحركة الحوثية تَطْيِيف العاصمة عند إغراق شوارعها وأحيائها بالشعارات الدينية، بل طالت المؤسسات التعليمية، عبر إعطائها طابعاً طائفياً مستلْهماً من قاموس الثورة الإيرانية، وصولاً إلى محاولات تغيير تركيبة الجيش، وتحويله إلى ميليشيا عقائدية على غرار الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله.

لقد تعددت صور ومظاهر الجهود الحوثية لتغيير المعالم الثقافية والعقائدية في العاصمة اليمنية، فضلاً عن اتجاه الجماعة نحو إجبار الموظفين الحكوميين في كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، على حضور «دورات تشييع» تقيمها في مراكز مخصصة.

ويستخدم الحوثيون، وسائل الإعلام الحكومية، والمنابر، وساحات المدارس، والمنصّات الثقافية؛ لتكريس الاستراتيجية الرامية إلى تطييف المجتمع اليمني انطلاقاً من العاصمة صنعاء.

تقول «هناء صادق» إحدى طالبات جامعة صنعاء: إن مليشيات الحوثي تعبث بالهوية اليمنية وتكرس الهوية الإيرانية، وتعمل على بناء نظام يحاكي نظام ولاية الفقيه في طهران، فصنعاء لم تكن تعرف الاحتفالات الطائفية الشيعية، كالاحتفاء بما يسمى ذكرى الغدير وغيرها من المناسبات ذات الطابع الفارسي المعادي للعرب، وتضيف «هناء»: يتم تغيير المناهج الدراسية، وتكريس خطاب التشيع، وإكراه الطلاب على ترديد شعار الصرخة خلال الطابور الصباحي، وباتت الإذاعة المدرسية في معظمها تتناول خرافات الطائفة ومفاهيمها الخطيرة. 

وتشير «هناء» التي تدرس التاريخ بجامعة صنعاء إلى أن الحوثيين يسعون إلى تكريس التشيع بمختلف الطرق حتى إن بعضهم بات يرتدي الملابس والعمائم الإيرانية ويتجول بها في شوارع صنعاء؛ وهذا دليل على أن الحوثيين ليسوا حلفاء للنظام الإيراني سياسياً فحسب بل جزء أصيل منه.

وإلى جانب التغيير الثقافي تشهد المدينة تغييراً ديمغرافياً كبيراً حيث تعمد مليشيات الحوثي السيطرة على كثير من أحياء العاصمة من خلال شراء معظم المنازل والأراضي في تلك الأحياء، وإغراء مُلّاك العقارات بالمال لبيع منازلهم بمبالغ أكثر من قيمتها الحقيقة، وإذا لم يُجْدِ الإغراء يستخدمون المضايقات والتطفيش فيبيعون منازلهم بالإكراه.

وتختم «هناء» حديثها بالقول: لن تكون اليمن بخير إلا إذا تخلص شعبها من هؤلاء الأشباح الغريبة.. 

حياة مشابهة لحقبة الإمامة 

فرضت مليشيات الحوثي واقعًا مغايرًا لما كانت تَعِدُ به من يجهلون حقيقتها قبل اجتياح صنعاء سبتمبر 2014م، كما يقول م/ ن  «موظف حكومي لـ» مجلة المنبر اليمني « فهي التي تذرعت خلال اقتحامها صنعاء وانقلابها على الدولة، باعتراضها على جرعة سعرية أقرتها حكومة «الوفاق الوطني» حينها باعتماد زيادة معقولة في أسعار بعض المشتقات النفطية، وتعهدت لليمنيين بإلغاء تلك الجرعة، وتحسين ظروفهم المعيشية، وحين أحكمت سيطرتها على صنعاء وعلى مؤسسات الدولة وموارها نفذت سلسلة جديدة من الجرعات السعرية لا حصر لها، ودمّرت الاقتصاد اليمني بنهب إيرادات الدولة والبنك المركزي ، وامتناعها عن صرف رواتب موظفي الدولة.

ويضيف م/ن لقد أعادت المليشيات الحوثية اليمنيين إلى حقبة الإمامة؛ فهم اليوم يقاسون الجوع والمرض، ويتم تكريس الجهل، ويؤكد م/ن أن اليمنيين لا يعرفون الطاعون والمجاعة إلا في حِقَب الإمامة؛ والحوثيون امتدادٌ لها. فما تعيشه اليمن وصنعاء كارثة تفوق الوصف، كنا نشاهد الكوميديا السوداء واليوم بتنا نعيشها واقعاً حسب قوله».

ويختم حديث بالقول: إن الشعب اليمني ينتظر قدوم الشرعية واقتراب جيشها الوطني  من صنعاء، وسينتفض على هؤلاء، وسينتقم منهم شر انتقام».

ظروف معيشية صعبة

يقول الصحفي عبدالباسط الشاجع مدير مركز العاصمة الإعلامي إن سكان العاصمة صنعاء يعيشون وضعاً مأساوياً في ظلّ سيطرة ميليشيات الحوثي وإحكامها السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة، وإنشائها جهاز مخابراتي يضم مئات من أنصارها، وأشرف على تدريبهم خبراء إيرانيون ولبنانيون، مهمتهم جمع بيانات، وحصر سكان العاصمة صنعاء، بناءً على تصنيفات الولاء والانتماء والجغرافيا.

وأضاف الشاجع: إن معاناة سكان العاصمة تزداد نتيجة إقرار مليشيات الحوثي الانقلابية جرعة جديدة في أسعار المشتقات النفطية هي السادسة على التوالي منذ الانقلاب، ما ضاعف المعاناة وخصوصاً في أوساط موظفي الدولة؛ نتيجة انقطاع مرتباتهم منذ أكثر من عام، وانعدام موارد ومصادر الدخل للمواطنين وصل إلى حدّ عجز مجموعة من كبار تجار أمانة العاصمة عن الاستمرار في مزاولة أعمالهم التجارية بسبب تفاقم الأوضاع، وارتفاع الأسعار، وابتزاز مليشيا الحوثي المستمر لهم.

ويؤكد الشاجع أن المساعدات الإنسانية، والمواد الإغاثية، التي تقدمها المنظمات المانحة، حوّلتها ميليشيات الحوثي إلى فرص للثراء، والاستثمار، في الوقت الذي يتضور الآلاف من سكان العاصمة ومختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا جوعاً، دون أن يجدوا تلك المساعدات، التي تفاخر المنظمات الدولية بتقديمها كمعونات للشعب اليمني، بشكل متواصل.

انتهاكات

يتعرض سكان العاصمة صنعاء لمختلف أنواع الانتهاكات من قبل مليشيات الحوثي الإيرانية، ورصد مركز العاصمة الإعلامي 2024 حالة انتهاك اقترفها الحوثيون بحق المدنيين في العاصمة صنعاء خلال العام 2017م، منها 159 قتيلاً، و236 إصابة، و415 اختطافاً، و128 تهجير قسرياً، و127 اعتداء جسدياً، و118 انتهاكاً لمنشآت سكنية، و98 انتهاكاً لمنشآت تجارية.

خديعة كبرى

ظلّ «أحمد» وهو أحد أنصار الرئيس الراحل الذي تشارك مع مليشيات الحوثي في تنفيذ الانقلاب على الشرعية، ثم أقدمت مليشيات الحوثي على قتله في 4 ديسمبر الماضي، ينظر إلى وجهي، ويبحث عن إجابات عن التساؤلات التي طرحتها عليه دون جدوى، وبعد محاولات جمة تحدث قائلاً: «لقد خدعنا .. خدعنا الزعيم -رحمه الله- وخدع نفسه، حين طلب منا مساعدة الحوثيين وتسهيل دخولهم صنعاء، كنا نظن أننا سنستخدمهم في التخلص من الشرعية، ونستعيد السلطة، لكنهم قتلوا الزعيم وتفردوا في السيطرة».

وأضاف: «لم نكن نتوقع أن يؤول بنا الحال إلى ما نحن فيه، لقد ظلمنا أنفسنا، وظلمنا الشعب المسكين، بتآمرنا على الشرعية وقواها، وأصبحنا اليوم نبحث عن خصوم الأمس، ونرقب قدومهم ليخلصونا من هؤلاء المجرمين»،

ويعترف أحمد الذي تحفّظ على اسمه خشية تعرضه للقمع أن تحالفهم مع مليشيات الحوثي كان  خطأً جسيماً، وجرماً بحق الوطن.

 

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية