المنبر اليمني/ خاص
بعد مضى 3 سنوات من نهب، وتقاسم أصول المؤسسة الاقتصادية، وتسخير ميزانيتها البالغة أكثر من 5 مليار ريال سنويًّا لصالح المجهود الحربي، الذي أعلنته المليشيا الحوثية المدعومة إيرانيًا ضد الشعب اليمني منذ 3 سنوات؛ عاودت المليشيا تفعيل دور المؤسسة الاقتصادية، كواحدة من خطوات الحل لمشكلة الانهيار الاقتصادي المتوالي يومياً.
المؤسسة الاقتصادية تتحول إلى تركة لأمراء الحرب
عمدت المليشيا الحوثية عندما سيطرت على العاصمة صنعاء، إلى تحويل المؤسسة الاقتصادية اليمنية -التي كانت تعدُّ ركيزة أساسية في الاقتصاد اليمني، وضمان محدودي الدخل في الحصول على المواد الاستهلاكية، والكماليات- إلى أشبه بتركة خاصة تقاسمها كبار قادتها ومشرفيها، بدءاً من قطاع النقل مروراً بقطاع المزارع، والثروة الحيوانية، وصولًا إلى النقل البحري.
قال مصدر مطلع في المؤسسة الاقتصادية اليمنية: إن الحوثيين وجدوا ضالتهم في العميد أحمد الكحلاني، الذي كان طيلة فترة صالح مديراً عامًا للمؤسسة، في السيطرة على المؤسسة، فقاموا بترقيته إلى رتبة لواء؛ ليقوم بتحويل المؤسسة بناء على رغبات قادة الجماعة، وخاصة رئيس ما يعرف باللجنة الثورية «محمد علي الحوثي»، الذي عَين الكحلاني في منصب كبير «الإسناد والدعم اللوجستي» بوزارة الدفاع، ومرجع التعيين إلى خبرة الكحلاني بالمؤسسة، وكل أصولها، وأموالها، الأمر الذي مكَّن الحوثيين من السطو على المؤسسة، وتسخيرها لصالح أنشطتهم وحربهم المفتوحة ضد الشعب اليمني. وهكذا تحولت المؤسسة الاقتصادية من مهمتها الحقيقة في كسر الاحتكار، وتوفير احتياجات المواطنين، ومحدودي الدخل، والموظفين في القطاع العام؛ إلى مهمة أخرى ذات طابع احتكاري لصالح مجموعة معينة من القادة الحوثيين.
أصول المؤسسة تؤول إلى طفيليات الاقتصاد الجديد
تبعثرت كل أصول المؤسسة الاقتصادية اليمنية، وآلت إلى طفيليات الاقتصاد الجديد أمثال: فِلِيتَه، دَغْسان، جرمان، عاطف، الطائفي، قرشة، القرماني، والحباري، وكلها أسماء تحاصر الاقتصاد اليمني، من الرأس حتى القدم، وجعلت المواطن اليمني أسير رغبات وأهواء جماعة فاقت بفاشيتها فاشية هتلر مرات عدة
المؤسسة الاقتصادية الجديدة
كثر حديث الحوثيين عن المؤسسة الاقتصادية، والدور المأمول منها في تلبية الاحتياجات الاقتصادية للمواطن، وخاصة الموظفين الذين انقطعت مرتباتهم منذ عام وأكثر من تسعة أشهر، وعلى مدار الأشهر الماضية كان رئيس حكومة الحوثيين عبد العزيز بن حبتور يتحدث مرارًا وتكرارًا عن المؤسسة الاقتصادية، وضرورة تفعيلها مجدداً، لكن المؤسسة التي أراد لها الحوثيون أن تكون تحت قيادة رجل منهم يدعى حسن صلاح المراني ليست سوى مساحات للإيجار بالمتر المربع للقطاع الخاص وتحت التهديد.
فشل وإفشال متعمد
يحاول المرَّاني الذي عيّنته المليشيا الحوثية مديراً عامًا للمؤسسة الاقتصادية، أن يجد لنفسه بعض العمل، بينما هو في الحقيقة موظفٌ لدى الهوامير العابثة بقوت الشعب. المؤسسة الاقتصادية غارقة في الديون منذ أن سيطرت المليشيات الحوثية على كل مفاصل الدولة، وتحويل اقتصادها إلى اقتصاد للسوق السوداء، بدءاً بالنفط والغاز، ومرورًا بالأدوية، والمواد الغذائية الأساسية، وصولاً إلى القسائم السلعية، وحاليًا تعتزم مليشيات الحوثي تنفيذ «الريال الإلكتروني». ففي حين كان المخطط لدى الحوثيين أن يتم تنفيذ الريال الإلكتروني عن طريق شركة يمن موبايل، يسعى كبار التجار الحوثيين إلى تحويل ذلك إلى ريال إلكتروني أطلقوا عليه اسم «يمن كوين» مقاربة لعملة «البتكوين» الإلكترونية العالمية، متذرّعين أن ذلك يعدُّ نصرًا اقتصاديًا على دول التحالف، والحكومة الشرعية.
مصادرة حسابات المؤسسة الاقتصادية
قال مصدر في المؤسسة الاقتصادية اليمنية: إن المؤسسة طيلة السنوات الثلاث الماضية تعرضت لتدمير ممنهج من قبل أمراء الحرب، والتجارة الحوثية الجديدة التابعة للنافذين منهم بمساعدة الكحلاني؛ وأوّل إجراء بدأته المليشيات ضد المؤسسة التي كانت تُشَغِّل نحو 7 آلاف موظف، هو مصادرة كافة الحسابات الخاصة بالمؤسسة في البنك المركزي اليمني، أعقب ذلك تحويل مخازنها إلى مخازن للمهام العسكرية، الأمر الذي جعلها هدفًا لعدد من الغارات الجوية لطيران التحالف، قبل أن تتحول بقية مخازنها ومبانيها إلى مخازن ومعارض للقطاع التجاري الجديد، الذي أصبح هو المتحكم بكل ما له علاقة بقُوت المواطن المغلوب على أمره.
اختفاء دور المؤسسة الاقتصادية
على مدى عقود مضت كانت المؤسسة الاقتصادية الضمان الوحيد لكسر الاحتكار في كل القطاعات الاقتصادية، فهي من تتدخل لكسر احتكار الأثاث، وهي من تتدخل لكسر احتكار التكنولوجيا، وهي من تتدخل لكسر احتكار القطاع الزراعي، والقطاع التجاري، وقطاع النقل البري والبحري، وقطاع الأثاث، وقطاع الملابس، وقطاع الأغذية، وقطاع الأدوية. كانت معارض المؤسسة ملاذًا للموظفين، ومحدودي الدخل على الدوام، قبل أن تختفي المؤسسة تماماً مع سقوط العاصمة صنعاء في يد المليشيا الحوثية في سبتمبر 2014م، ومع اختفاء دورها ظهرت طفيليات الاقتصاد الجديد «اقتصاد السوق السوداء « يتاجر بكل شيء أمامه دون هوادة.
غطاء زائف لتجارة سوداء
هكذا قال الموظف غالب الذي يعمل في المركز الرئيس للمؤسسة في العاصمة صنعاء؛ ردًا على التساؤل عن إمكانية عودة المؤسسة لسابق عهدها: «ليس بالأمر السهل عودتها للحياة»؛ فخسارة المؤسسة انعكس سلبيًا على حقوق ومعيشة 7 آلاف عامل وعاملة في المؤسسة وفروعها، ضاعت حقوقهم، وتوقفت رواتبهم ومستحقاتهم، ويسعى الحوثيون بكل جهدهم إلى توظيف العشرات من أنصارهم بدلًا عن الموظفين الرسميين، ولأن المؤسسة لا يوجد بها نقابة للعمال؛ وقع الموظفون فريسة سهلة بيد المليشيا الحوثية، ولا صوت لهم، الأمر الآخر الذي يحول دون عودة المؤسسة؛ أن التجار الجدد من عناصر المليشيا الحوثية لن تسمح بأن يهدد تجارتهم أحد مهما كلّفهم ذلك. إنهم يريدون تحويل المؤسسة إلى مَعَارض خاصة بهم لعرض وتسويق تجارتهم، تحت غطاء المؤسسة، وبالتالي لن تكون المؤسسة أكثر من غطاء زائف لتجارة سوداء.