×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

الوجه الآخر للمنظمات الدولية

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

 المنظمات الإنسانية العالمية مظهر من مظاهر الرحمة المركوزة في فطرة الإنسان، وللغرب يد طولى  في هذا المضمار، لاحظها عمرو بن العاص في حديثه عن الروم بقوله: (وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف) صحيح مسلم.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 1.6 مليون منظمة، فاقت تبرعاتها السنوية 316 مليار دولار حسب إحصائيات 2008م. 

تتجه المنظمات الدولية لتحقيق أهداف مختلطة إنسانية وتبشيرية ومصلحية ذاتية كما عبّر عن ذلك «غراهام هانكوك» في كتابه «سادة الفقر»؛ حيث يرى أن المنظمات (مدفوعة إلى الأمام بدوافع متناقضة، بعضها عطوف، والآخر شرير، وآخر عصابي. وأن عملية المعونة العالمية قد أصبحت إناء طبخ يغلى بالإنسانية، والمصالح الذاتية التجارية، والحسابات الاستراتيجية، والمصالح السياسية، والضمير الميت، والرغبة في البقاء في الصورة).

وقد استفاد ملايين اليمنيين من التدخل الإنساني للمنظمات؛ ففي 2016م استفاد 2.8 مليون يمني من برنامج الغذاء العالمي، وعالجت اليونيسف أكثر من 166 ألف طفل تحت سن الخامسة من سوء التغذية، ناهيك عن عشرات الملايين من الدولارات التي ضختها المنظمات الدولية للتخفيف من الكارثة الإنسانية في اليمن.

إلا أن ثمة ملاحظات جوهرية على عمل المنظمات، من أهمها:

1 - هيمنة الثقـــــــــافة الغــربية والأولويات التنموية في المنظور الثقافي الغربي؛ إذ نلمس حضوراً مكثفاً لقضايا هامشية كزواج الصغيرات ونحوها، في حين لا تزال المرأة في اليمن تعاني من الحاجات الأساسية للحياة كشربة ماء نقية، أو طعام يسد رمقها، أو تعليم يمحو عنها غبار الجهل.

2 - التوظيف السياسي للمنظمات؛ فالمنظمات الدولية جزء من منظومة القوى الناعمة التي توظفها الدول لخدمة أهدافها، فعندما صوّت مندوب اليمن في الأمم المتحدة ضدّ قرار تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، مشى مندوبها حتى مقعد المندوب اليمني وأعلمه أن تلك كانت أغلى «لا  تصويت»؛ بعد ذلك مباشرة توقفت العمليات والتمويل الذي تقدمه USAID لليمن  في تلك الحقبة.

3 - غياب الحضـــــــور الإسلامي في المنظمات: 

-ندرة الموظفين في تلك المنظمات من ذوي الخلفية الإسلامية؛ فزيارة واحدة لبرنامج «RGP» التابع للوكالة الأمريكية، أو أوكسفام أو  GIZ الألمانية أو غيرها من المنظمات، تكشف غياب العنصر الإسلامي، ومرد ذلك إلى عزوف الإسلاميين عن الولوج إلى أدوات التأثير الدولي هروباً من مواضع الفتن كما يصور خطابهم، غير مدركين أن ملايين الدولارات المتدفقة من تلك المؤسسات وعشرات البرامج، هي التي تؤثر في المعادلات السياسية والاجتماعية.

في حين  استطاع الشيعة التسلل بقوة إلى دهاليز تلك المنظمات، حتى صاروا جزءًا من صناعة القرار فيها، بل تغولت بعض العوائل الشيعية إلى درجة أن طلاب التمويل يضطرون إلى الاستعانة بتلك العوائل حتى يحصلوا على ما يساعدون به الفقراء!.

ومما يزيد الطين بلة أن يسارع بعض المحللين  لتفسير الحضور الشيعي من منظور المؤامرة، غير مدركين أن قادة التيار الشيعي في اليمن، قد وضعوا نصب أعينهم التغلغل في المنظمات منذ التسعينيات، ودرَّبوا شبابهم على علوم ومهارات تلك المنظمات، ولقد أخبرني أحدهم أن أباه يعمل في الأمم المتحدة منذ الثمانينيات!

- كثير من الرموز التي تتعاطى معها تلك المنظمات توضع في خانة خصوم التيار الإسلامي، وإذا استعانت ببعض الرموز الإسلامية فمن باب التجميل.

وهناك عمل دؤوب لصناعة طبقة ليبرالية جديدة، يتخاطب معها الغرب، وتُقدم على أنها الممثل الحصري لشباب اليمن، وتُرصد لهذه الشريحة ملايين الدولارات للتأهيل والتدريب، وتُقدم في المحافل الدولية، وتُفتح لها القنوات، وهي تجربة آتت ثمارها في فلسطين، ورصد تحولاتها الصحفي الفرنسي «بينجامين بارت» في كتابه «حلم رام الله»، وكيف ساهمت (في إجهاض النمّو الطبيعي للمجتمع وفي مصادرة الحراك الوطني الأصيل).

وفي كتابه «الحركة النسوية اليمنية» أشار الباحث أنور الخضري إلى طرفٍ من التمويل الغربي لبعض رموز الحركة النسوية في اليمن بغرض التمكين للمفاهيم الغربية فيما يتعلق بقضايا المرأة. 

- الجمعيات ذات الخلفية الإسلامية هي الأقل استفادة من تمويل تلك المنظمات؛ رغم أنها الأكثر حضوراً اجتماعياً والأرسخ مؤسسياً، والأكثر نزاهة وشفافية، مقارنة بغيرها من المنظمات الأخرى.

وقد وزع مكتب  OCHA مطلع العام 2016م 10مليون دولار حصدتها المنظمات غير الإسلامية، مع فُتات يسير لمنظمتين ذواتي خلفية إسلامية.

وظاهرة التلاعب بالمنح أرجأ سببها الناشط أحمد القرشي رئيس منظمة «سياج» إلى (أن هناك معايير فرز وتصنيف منظمة بعيداً عن المهنية والكفاءة لاستبعاد المنظمات الوطنية وعدم تمويلها، بينما القليل من المنظمات المحلية التي تحصل على منح إغاثية تكون في أغلبها خاضعة لمعايير وشروط تحكمها العلاقات الشخصية والمصالح وليس المهنية والكفاءة). 

كل هذا يتم في حالة غياب الرقابة المجتمعية، والصوت المعارض للعبث بالأموال المرصودة لليمن، نتيجة لتشرذم المجتمع المدني في اليمن، ناهيك أن التيار الإسلامي منقسم إزاء المنظمات إلى تيارين:

أ‌. تيار الانسحـاب والشجب، وقد اكتفى بلعن الظلام، وشن حملة خطابية ووعظية تجاه المنظمات، ومن يتعامل معها، غير مدرك لحقيقة التغيير التي تقوم به تلك المنظمات، وكيف استطاعت أن تبني مؤسسات وقيادات ورموز مجتمعية قادرة على صناعة تحولات هادئة في المجتمع.

هذا التيار لم يدرك بعد خطورة المعركة، وحجم المبالغ المرصودة لإحداث التغيير الثقافي، ولا منهجية التعامل مع تلك المنظمات، وإنما استفزته بعض المظاهر التي ظهرت على السطح، فذبح عقيرته، دونما تقديم البديل، أو رؤية مقنعة للتعامل مع واقع المنظمات.

ب‌. تيار المشاركة والمدافعة، وهذا التيار رفع شعار: «ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين»(المائدة :23)؛ فأخذت زمامه بعض الجمعيات الخيرية، واستطاعت أن تفرض نفسها بقوة على المنظمات الدولية، وأن تحوز على تمويلات إنسانية وظَّفتها بطريقة جيدة لصالح المجتمع؛ لكنه تيار محدود التأثير في محيط المنظمات الدولية، بسبب تشرذم المؤسسات اليمنية، وعدم التنسيق بينها، فضلاً عن ثقافة محلّية تتجهم للعاملين في هذا القطاع، وتنبزه بالتغرُّب!

وقد لفت نظري تجربة المجتمع المدني في أثيوبيا، فقد شكّلت مجموعة كبيرة من الجمعيات «شبكات ضغط وتنسيق»، واستطاعت بفضل هذا التنسيق والتعاون، أن تفرض أجندتها وأولوياتها التنموية الوطنية على المنظمات الدولية، وأجبرتها على تعديل خططها بما يوافق احتياجات المجتمع الأثيوبي.

لكن قطاعنا الثالث في اليمن لا يزال يهيم في فلك التشرذم والتنابز، دونما وعي بحركة الحياة، ولا بقوانين اللعبة. ولاستدراك ذلك نحتاج إلى تفعيل الرقابة المجتمعية لأداء المنظمات، ثم الدخول بأحلاف وطنية ضخمة، لترشيد عمل المنظمات الدولية، ودفعها لشراكة حقيقية مع القطاع الوطني؛ لتجاوز حقبة الأقليـــات المتنـفذة. 

-----------

ملاحظات جوهرية على عمل المنظمات:

 هيمنة الثقافة الغربية والأولويات التنموية في المنظور الثقافي الغربي؛ إذ نلمس حضوراً مكثفاً لقضايا هامشية كزواج الصغيرات ونحوها

  التوظيف السياسي للمنظمات؛ فالمنظمات الدولية جزء من منظومة القوى الناعمة التي توظفها الدول لخدمة أهدافها.

  غياب الحضور الإسلامي في المنظمات في حين  استطاع الشيعة التسلل إليها بقوة.

 

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية