تقرير/تقرير/ المركز الإعلامي - إب
تمكنت جماعة الحوثي الانقلابية من بسط نفوذها، وسيطرتها على كافة مفاصل الدولة، وإحلال المئات من عناصرها في مناصب ووظائف حكومية، وبمجرد دخولهم صنعاء بدأوا بإصدار قرارات تعيين شملت جميع مرافق الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، وتعيين مشرفين حوثيين في المؤسسات الحكومية والمحافظات والمعسكرات، ممن ينتمون إلى المليشيات الحوثية الإيرانية.
وقد تَوزّع هذا الإحلال الوظيفي على ثلاثة قطاعات بارزة: القطاع العسكري، والقطاع الأمني، والقطاع المدني
أ/ على مستوى القطاع العسكري والأمني:
التعيينات الإدارية بالانتماء الطائفي:
كانت حصيلة الإحلال الوظيفي لتعيينات المليشيات في القطاع العسكري والأمني، وزيرين في حكومة بن حبتور، 56 وكيلا ومساعدا ومستشارا، و 5 رؤساء أركان وأجهزة استخبارات، إضافة إلى 18 وكيلاً ونائباً بهيئة الأركان العامة وجهازي الاستخبارات، و 46 رئيس مصلحة ودائرة، و 53 نائباً ووكيل مصلحة ودائرة، و53 مدراء عموم إدارات بالوزارات والقطاعات المختلفة، و41 قادة قوات أمنية (قوات خاصة – حماية الطرق) في العاصمة والمحافظات، و 98 قادة وأركان حرب ألوية، و14 قادة وأركان مناطق وقوات «جوية واحتياط». هذا ما تم رصده وهناك آلاف التعيينات جرت لوظائف أخرى في القطاعات العسكرية المختلفة، وهي وظائف لا تدخل ضمن التعيينات العليا، لكنها وظائف تحكميّة تتوزع في جسد المؤسسة العسكرية يجري فيها تغييرات شاملة وكبيرة دون ضجيج
تطييف شامل للقطاعات العسكرية والأمنية
لا تقتصر حوثنة القطاعات العسكرية والأمنية على التعيينات الإدارية والمناصب التحكمية، بل عمدت المليشيات الحوثية الإيرانية إلى إجراءين اثنين، الأول: استقطاب العناصر الموجودة في تلك القطاعات (جنود وضباط)، وتنظيم دورات طائفية متواصلة لهم في عملية غسيل دماغ خطيرة، والثاني: تجنيد عشرات الآلاف من الشباب والمدنيين الموالين لهم وإلحاقهم بالقطاعات العسكرية المختلفة، وتسريح الجنود والضباط ممن ليسوا على درجة من الولاء الطائفي للمليشيات.
ب/ القطاع المدني
أما في القطاع المدني، فقد تركزت تعيينات المليشيات في المناصب العليا في مؤسسات الدولة المختلفة، وكانت على هذا النحو: رئيس للوزراء، و4 نواب لرئاسة الوزراء، إضافة إلى 55 وزيراً ومحافظاً، و181 وكيلا ومساعدا في الوزارات والمحافظات، و437 مدراء عموم بالوزارات والمحافظات والمديريات، و51 مسؤولاً لقطاعات ومؤسسات وبنوك، و 29 رؤساء و نواب جامعات.
منهجية الرصد
اعتمدت آليات رصدنا في جمع هذه البيانات والأرقام والمعلومات على ما يسمى بالقرارات الجمهورية والوزارية المعلنة؛ من خلال وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي الإيرانية، وكذلك صحيفتي الثورة و 26 سبتمبر والمواقع الإخبارية التابعة للجماعة، وذلك من تاريخ 21سبتمبر 2014م وحتى 28فبراير 2018م.
أما القرارات غير المعلنة فتم إضافة بياناتها إلى إجمالي ما جمعناه وقمنا برصده، وهي ما ظهرت من خلال التسريبات التي نشرها قادة أمنيون وعسكريون حوثيون في صفحاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك مواقع إخبارية تابعة لهم.
وللخروج بآلية رصد دقيقة، فقد قمنا أيضاً بالتواصل مع شخصيات تعمل في وزارتي الإدارة المحلية والداخلية التابعة للمليشيات الحوثية، وحصلنا من خلالها على المعلومات والقرارات المعلنة وغير المعلنة.
وخلال الفترة الزمنية التي قضيناها في تجميع هذه الإحصائيات، توصلنا إلى أن غالبية من تقلدوا المناصب الحكومية العسكرية والأمنية والمدنية، قد خضعوا لدورات وأنشطة طائفية مركزية وغير مركزية، تنوعت بحسب الأشخاص المستهدفين والوظائف التي منحت لهم.
تعيينات على أساس طائفي
استمراراً لنهج المليشيات الحوثية القائم على إغراق أجهزة وإدارات الدولة اليمنية بالمحسوبين عليها؛ سواء في المؤسسات المدنية أم العسكرية، منذ بداية اجتياحها صنعاء، وفرض نفسها كطرف متفرد بالحكم، الأمر الذي يتوقع أن تمتد تداعياته لعقود إذا لم يتم التنبه له باكراً. ويسود اعتقاد أن الجماعة تهدف إلى ضمان استمرار تحكمها بأجهزة الدولة لفترات طويلة، حتى لو تم التوصل في وقت لاحق إلى تسوية أو حلٍّ سياسي؛ وذلك من خلال جيش من الموظفين الذين فرضتهم داخل المؤسسات خلال السنوات الثلاث الماضية، عبر ما يوصف بسياسة «الإحلال»، القائمة على استبدال موظفي الدولة بآخرين من المحسوبين على الجماعة.
يعمل الحوثيون على السيطرة التامة على الوحدات الأمنية والعسكرية في مناطق سيطرتهم، وتعميم عقيدتهم القتالية وشعاراتهم الطائفية، بدلاً عن عقيدة الجيش وشعاراته الرسمية؛ بما في ذلك قطاع التوجيه المعنوي، وصحيفة 26 سبتمبر، ومنابر ومساجد الجيش، ويقومون بتدريس ملازمهم للضباط والجنود، وتنظيم دورات فيما يسمى «الثقافة القرآنية»، وتمجيد فكرهم ورموزهم الدينية والطائفية السلالية .
يعمد الحوثيون إلى اختيار أسماء طائفية للدُفع التي تتخرج، ويمزجون شعاراتهم الخاصة وإعلامهم بشعارات الجمهورية وأعلام وشعارات الجيش الرسمية، ويصدرون قرارات دورية كل شهر تقريباً، يحيلون بموجبها كثيراً من قادة الوحدات العسكرية والأمنية، لمنازلهم، ويستبدلونهم بموالين لهم؛ ليتحول إلى جيش طائفي سلالي.
*ماذا بعد صالح ؟
دشن الحوثيون العام 2018 بمرحلة جديدة من السلطة المطلقة للجماعة في أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، وذلك بعد حزمة التعيينات التي افتتحت بها جماعة الحوثي عامها الحالي، وعكست مضي الجماعة بإحكام قبضتها كمتحكم وحيد في مركز الدولة اليمنية، بدون مبالاة للقوى اليمنية التي تنظر إلى انفراد الحوثيين وسيطرتهم على مراكز الدولة في البلاد، بمثابة كابوس لا يمكن القبول به.
بعد أن قتلت جماعة الحوثي «صالح» لم تتأخر في تعيين أتباعها على رأس الأجهزة الحكومية والمؤسسات التي لها قدر عالٍ من الرمزية المرتبطة بالدولة أمنياً واقتصادياً وسياسياً، في حين أن أغلب القيادات التي تم تعيينها، لم تكن تُذكر في قوائم الجنرالات أو رجال الاقتصاد والسياسة في البلاد، خلال سنوات سابقة.
وينظر إلى التعيينات المتتالية التي تقوم بها الجماعة بكثير من القلق لأسباب عدة، أولها: افتقار أغلب المُعَيَّنين إلى خبرات كافية تؤهلهم إدارة المؤسسات التي باتوا يتولونها، وهو ما يعني تدميراً بطيئاً لما تبقى من كفاءة الجهاز الإداري للدولة الذي يعاني في الأساس من اختلالات عدة، وثانيها: عملية التجريف الطائفي للدولة ومؤسساتها، وإلحاقها بالنموذج الإيراني في عمليات الإحلال التي تجري على قدم وساق.