"مأرب" الشرعية والصمود هي البوابة الأولى لعودة الشرعية.
إعداد/ أحمد الصباحي - جبر صبر
“مأرب” العمق التاريخي والحضاري لليمن.. سد مأرب، وأرض الجنتين، ومطارح القبائل في نخا والسحيل، مثلت عنوان المقاومين الرافضين للانقلاب، واحتضنت المدينة بكل حب الوطنين ورجال المقاومة لصناعة نواة اليمن الجديد.
بداية نواة الجيش
من مدينة مأرب بدأت تتشكل النواة الأولى للجيش الوطني الجمهوري الذي وقف سداً منيعاً بالتعاون مع رجال القبائل والمقاومة الشعبية في إيقاف زحف الحوثيين نحو شرق اليمن واحتلال عاصمة إقليم سبأ، والسيطرة على غاز صافر والتوجه نحو حضرموت ومنفذ الوديعة المنفذ البري الوحيد الذي تبقى لليمنيين.
مثلت مدينة مأرب نقطة تجمع لرجال الجيش الوطني من ضباط وصف وقادة وألوية، وبدأت الاستعدادات والتدريبات المكثفة وتخرجت عدد من الكتائب والألوية وساهمت بشكل كبير في تحرير عدد من المناطق في مأرب والجوف وصولاً إلى مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء. هناك في مأرب كان يخوض الشهيد اللواء عبدالرب الشدادي، واللواء المقدشي، وعدد من قادة الجيش في تأسيس النواة الأولى للجيش الوطني الذي يتشكل يوماً وراء يوم ليكون جيشاً للوطن لا جيشاً لعائلة أو حزب أو قبيلة، كما مثلت المدينة نقطة استقبال للسلاح والعتاد والخبرات التدريبية من قوات التحالف العربي، وكذلك قواعد لصواريخ (باتريوت) بدعم من التحالف العربي، والتي حمت المدينة من الصواريخ البالستية التي تطلقها المليشيات على رؤوس المدنيين.
يقول نائب رئيس المركز الإعلامي للقوات المسلحة أ. أحمد شبح، إن عملية إعادة بناء الجيش الوطني في مأرب بدأت بإمكانات صفرية وهي اليوم قطعت أشواطاً قياسية من البناء والإعداد، ويوضح في حديثه ل ”المنبر اليمني” أن الأبطال المخلصين الذين كانوا في صحراء العبر هم اليوم على أطراف صنعاء وصعدة ويحققون الانتصارات في معارك دحر المليشيات الانقلابية ومكافحة التطرف، ويضيف شبح: إن مأرب كانت وستظل حاضنة استعادة اليمن وإعادة بناء الجيش الوطني الضامن للانتقال إلى يمن اتحادي آمن ومستقر.
مأرب.. نواة الدولة الجديدة
كثرٌ من الذين زاروا مدينة مأرب وتنقلوا بن المحافظات اليمنية المحررة، وجدوا علامات فارقة في وجه المدينة الجديدة نحو النهضة والتغير، ووجدوا بأن قواعد الدولة الحديثة بدأت تتشكل في مدينة مأرب، فالأمن متواجد والمراكز الحكومية تخطو خطوات واثقة نحو التقدم، والبنية التحتية تتطور يوماً وراء الآخر، في حين ظلت بعض المحافظات المحررة في وضع متدنٍ في الأمن والخدمات. ولعل هذا يثبت عكس ما كان يروج له إعلام صالح على مدى ثلاثة عقود، واتهام أبناء مأرب بأنهم معرقلون لقيام الدولة الحديثة، معززاً ذلك بأن القبيلة لا تزال تسيطر على الناس وأن سلطة القبيلة تتجاوز سلطة الدولة.
يرى الأكاديمي الدكتور علي الذهب في تصريح خاص ل ”المنبر اليمني” أن مدينة مأرب مثلت محور الارتكاز الوحيد الذي قامت عليه السلطة الشرعية في بعدها المكاني، بعد سقوط أغلب مدن الشمال في قبضة الانقلابين، ولولا وجودها لما استطاعت هذه السلطة استعادة نشاطها في مناطق الشمال والجنوب.
وأضاف الذهب “لعلّ من الأهمية التذكر بتوجس الحوثين من تحركات القوات المناوئة لهم في هذه المدينة وضواحيها، وقد تجلى ذلك في خطاب زعيمهم عبدالملك الحوثي في الأيام الأولى للانقلاب، الذي أشار فيه إلى ذلك، موقناً أن بقاء مأرب خارج سيطرة مليشياته، ستكون بمثابة الصخرة التي سيتحطم عليها الانقلاب”.
ملاذ النازحين
أصبحت مدينة مأرب قبلة للنازحين الذين فروا من طغيان الحوثي وصالح، فقد فتح أبناء مأرب منازلهم لإخوانهم النازحين، واستقبلت المدينة التي يبلغ عدد سكانها قرابة 350 ألف نسمة، أكثر من مليون و 300 ألف نازح من جميع المحافظات اليمنية، حسب تصريح وكيل محافظة مأرب الدكتور عبدربه مفتاح.
كثير من الضباط والجنود والأكاديميين والصحفيين فروا من مدنهم إلى مأرب، وأصبحوا يمارسون حياتهم الطبيعية بكل سهولة، وبدأت الخدمات تتوفر في المدينة بشكل أفضل رغم أن المدينة كانت تعاني من التغييب والإهمال في الخدمات والبنية التحتية في ظل السلطات السابقة.
يقول نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح أ.عدنان العديني، إن مأرب اجتمعت فيها ثالث روافد كبيرة جعلت منها الملاذ الأخير لليمنين، ويوضح العديني: أعراف القبيلة وإرث التاريخ والنداء الوطني كل هذه مجتمعة جعلت مأرب رأس حربة في الدفاع عن الجمهورية والشرعية، مؤكداً أن هذه الثلاث متكاملة شكلت مأرب الجديدة التي اتسعت لليمن بعد أن كانت تضيق بأهلها أيام المخلوع.
وحربٌ على المفسدين
امتدت نجاحات بناء الدولة الحقيقية في مأرب لتشمل التصدي لكل من تسوّل له نفسه الإضرار بمصالح المواطنين، فقد تمكنت قوات الأمن الخاصة بمحافظة مأرب من إلقاء القبض على أفراد عصابة متخصصة في التقطع ونهب المسافرين في طريق مأرب - العبر، وأوضحت مصادر أمنية بمدينة مأرب أن قوات الأمن الخاصة كانت قد ألقت القبض سابقاً على أحد أفراد عصابة التقطع والنهب في منطقة “واسط” بمديرية “الجوبة”، وبحسب اعترافات هذه العصابة فإن ممارساتهم تركزت على التقطّع ونهب المسافرين تحت التهديد بالقتل.
وكانت الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب قد ألقت أيضاً القبض على عصابة متخصصة في سرقة السيارات وأعادت جميع المسروقات إلى أصحابها.
لا بد من صنعاء
التقدم الذي يحرزه الجيش الوطني ورجالات الشرعية في مأرب يبعث على التفاؤل بالانتقال إلى المعركة الكبرى، معركة تحرير العاصمة صنعاء من براثن الميليشيا الانقلابية.. قل عسى أن يكون قريباً.