بقلم/ سمية محمد
توافد المشيعون ليهدوا فارسهم المترجل صلواتهم الأخيرة عرفاناً بإنسانيته التي فتحت قلوب البائسين فصنعت لهم بصيص أمل، الرجل الذي أحب اليمن فأزاح عنها الستار وأرانا جوهرها واقعاً متجسداً في مرآنا، فكانت برامجه بوابةً مفتوحةً للتعريف باليمن أرضاً وإنساناً، فجاب أرضها براً وبحراً واعتلى جبالها وطاف صحاريها وأبرز معالمها السياحية وطبيعتها الخلابة.
لبس التراث وأطلعنا على ألوان الثقافات والعادات والتقاليد التي تحتضنها مدن وقرى اليمن، قابل الجماهر وعرّفنا بالطبيعة السمحة التي يحفل بها اليمن كإنسان، استهدف البسطاء بأسئلة ثقافية وجوائز نقدية فاستحق لقب سلطان الخر، وهكذا لمعت برامجه وأسرت قلوب المشاهدين قبل أعينهم، فلقيت رواجاً شعبياً واسعاً ومنقطع النظر، وظل برنامجه الرمضاني الشهير “فرسان الميدان” يحتفظ بالصدارة أعواماً عديدة، ولم يكن برنامجه مجرد ساعة تلفزيونية أخرى؛ بل كان مشروعاً تنموياً فريداً.
أعد الإعلامي الراحل يحيى علاو برامجاً ميدانية متميزة، منها “عالم عجيب” و ”قاموس المعرفة”، وكان أشهرها برنامج “فرسان الميدان” الذي نال بسببه لقب فارس الإعلام الرمضاني وجعل من اسم علاّو ذكرى رمضانية سنوية عالقة في أذهان اليمنين.
لغته العربية الممزوجة باللكنة التهامية لفتت إليها انتباه زملائه الإعلامين والنقاد والمشاهدين فزادت برامجه جالاً فوق الجال. كان التميز حليفه، فقد حصل على منحة دراسية في كلية الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز لحصوله على المرتبة الأولى على الجمهورية، فواصل سلسلة تفوقه ليحتل المرتبة الأولى بن زملائه متعددي الجنسيات في البكالوريوس.
كتب في صحف عدة، وشارك في فعاليات إعلامية في بعض الدول، وظل يترقى في عمله، فعمل مذيعاً غير متفرغ في إذاعة الحديدة ثم عضواً في إدارة الاستعراض وإدارة برامج تلفزيون صنعاء، ثم عُنّ مديراً عاماً في إدارة البرامج التعليمية والعلمية.
توفي علاو - ابن مدينة خدير – في العام 2010 بمرض السرطان الذي ختم حياته الحافلة بالنجاحات، وسُمّيت جنازته “جنازة المحبة” لما حظيت به من توافد شعبي بألوانه الاجتماعية والثقافية والفكرية والعمرية، من مختلف القرى والمدن اليمنية.
