مقالات

×

تحذير

JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 340

أبناء الله

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

كمال القطوي

توالت التحذيرات النبوية من ترب الأفكار والتصورات الجاهلية إلى فكرنا الإسلامي، بالذات ما جاء مغلفاً بأُحجيات دينية صممها أهل الكتاب لإشباع غرائزهم المنحرفة فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبرْا بِشِرْ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ.. الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟) .

منذ اليوم الأول والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُرسي مداميك المساواة بين البشر؛ كونها الأساس المتين لبناء مجتمع قوي ومتماسك، وبعد دهر من رحيل المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، أطلت بدعة التمييز السلالي برأسها، لتقول لنا: إن ثمة سلالة أرقى من بقية البشر وأفضلها ديناً!

فكان لابد من العودة إلى القرآن الكريم لاستجلاء حقائق الدين قبل أن تلتبس علينا التأويلات الفاسدة، إذ يقرر كتاب ربنا أن البشرية من أصل واحد لا فرق بينهم إلا بالتقوى، فيقول تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، فالاختلاف في الأوعية السلالية غايته التعارف لا التمايز، والتعاون لا التنافر.

ثم وجدنا أن القرآن الكريم يرفض منطق التمييز العرقي، ولو بدافع الحرص على الرسالة، يقول تعالى(وَإِذِ ابْتَلىَٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلماَتٍ فَأَ تَمهُنَّ قَالَ إِني جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِنَ)، ويرد لنا نماذج من أقرباء الأنبياء لم يفيدوا من الترابط الأسري في قضية الإيمان، بل انحرفوا عن درب التوحيد، كأبي إبراهيم وزوجتي لوط ونوح وابن نوح، ليقرر القرآن بعدها ظاهرة بشرية سرمدية في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِماَ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)، كل هذه الآيات تؤكد لنا أن الجينات لا تنقل الفضيلة دائماً كما لا تنقل الرذيلة سرمدياً وإلا لسارت البشرية في خطين جبريين، ولا نتفى التكليف بحجة الجينات الموجِّهة!

ويشن القرآن حملته القوية على دعاوى بني إسرائيل بأنهم أبناء الله وأحباؤه، ويعرض آثار هذه الدعوى على سلوكهم، وكيف جعلتهم لصوصاً ومُشعلي حروب؛ لأنهم فقدوا انتماءهم الإنساني بادّعائهم العلو على الخلق، قال تعالى: (ومِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ

 قَائِما. ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ا لْمِيّيِّنَ سَبِيلٌ)، بل يلمح إلى أن فجورهم في إشعال الحروب ناتج عن هذه العنصرية التي تحتقر حق الحياة للأخر فيقول تعالى: (كُلَّماَ أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).

ونحن نرى بأعيننا أن جسارة المجرمين على دماء الناس نابعة من شعورهم بالتميز العرقي، فالنازيون ما أباحوا دماء الملاين إلا لشعورهم بالتفرد والنقاء العرقي، وأنَّ على بقية البشر أن يخضعوا لهم أو يفارقوا الحياة.

وفي إرثنا اليمني نجد الشهيد الزبيري يلحظ في كتابه “الإمامة وخطرها” أن كثيراً من الهاشميين قادوا شعوبهم نحو الخير في شتى بقاع الأرض، إذ كانوا يقدمون أنفسهم كرموز لتلك الشعوب، لا ممثلين عن السلالة، إلا في اليمن فقد أبى الإماميون إلا أن يقدموا أنفسهم من منصة الاستعلاء السلالي فلفظهم الشعب، وقامت ثورات عديدة كان في طليعتها الأحرار والعلماء من الهاشميين أنفسهم، الذين سكبوا دماءهم رخيصة في سبيل حرية اليمن، واستهجنوا منظومة الإمامة وفكرها السلالي، فهل من متعظ؟! 

مجلة (المنبر اليمني): مجلة شهرية تصدر شهريا عن المنبر اليمني للدراسات والإعلام، وهي مجلة جامعة تعنى بالشأن اليمني، وهي منبر لكل يمني، خطابها: اليمن الواحد الحر المتحرر من الظلم والطغيان والفساد والإجرام.

Whats App.: +967 7124 33504

الشبكات الاجتماعية